الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك ***
المراد بالعامل هنا ما يجوز عمله فيما قبله "فيشمل" الفعل المتصرف واسم الفاعل واسم المفعول دون الصفة المشبهة والمصدر واسم الفعل والحرف؛ لأنه لا يفسر في هذا الباب إلا ما يصلح للعمل فيما قبله. ثم قال: إن مضمر اسم سابق فعلا شغل... عنه بنصب لفظه أو المحل تقدير البيت: إن شغل "مضمر اسم" سابق فعلا. فقوله: "مضمر اسم" فاعل بفعل مقدر يفسره الظاهر، وقوله: "سابق" صفة لاسم, و"فعلا" مفعول شغل، وقوله: "عنه" أي: عن الاسم السابق، وقوله: "بنصب لفظه أو المحل" يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون المراد بنصب لفظه الضمير، أو محله، فنصب لفظه نحو: "زيدا ضربتُهُ" ونصب "محله": "زيدًا مررتُ به". والثاني: أن يكون المراد بنصب لفظ، الاسم السابق أو محله. وعلى هذا, فالباء بمعنى "عن" وهو بدل اشتمال من الهاء في عنه بإعادة العامل, والتقدير: إن شغل مضمر اسم سابق فعلا عن نصب لفظ ذلك الاسم نحو: "زيدا ضربته" فإن الفعل لو لم يشتغل بالضمير لنصب "زيدا" أو نصب محله نحو: "زيدا مررتُ به" فإن الفعل لو لم يشتغل بالضمير لنصب محل "زيد" فنقول: "بزيد مررت", فيكون محل المجرور نصبا. فإن قلت: أي الاحتمالين أرجح؟ قلت: الأول هو ظاهر لفظه، ويؤيده قوله في التسهيل: إذا انتصب لفظا أو محلا ضمير اسم سابق ا. هـ. إلا أنه يلزم منه تجوز في موضعين: أحدهما: قوله: "عنه", فإنك إذا قلت: "زيدا مررتُ به" لم يشغله الضمير عن نصب "زيد"؛ لأنه فعل لازم، لو سلط عليه لم ينصبه، ولكن قد يقال: شغله الضمير عن "زيد" بتجوز بمعنى: شغله عن العمل في محله. والآخر: قوله: "بنصب لفظه" والضمير لا ينصب لفظه؛ لأنه مبني، ويلزم منه أيضا تكرار، فإنه يقال بعد: وفصل مشغول بحرف جر... أو بإضافة كوصل يجري فذكر حرف الجر على هذا التقدير تكرار؛ لأنه قد علم من قوله: "أو المحل". وأما الاحتمال الثاني، فلا يلزم منه شيء من ذلك, فتأمله. ويؤيده قوله في شرح الكافية: إذا "قدم" اسم على فعل صالح لنصبه لفظا أو محلا، فلم يجعل التقسيم في الضمير بل في الاسم السابق. ا. هـ. وهذا وجه ظاهر, لولا ما فيه من استعمال البناء بمعنى "عن" في قوله: "بنصب", على أن استعمال الباء بمعنى "عن" كثير. فإن قلت: يرد على كلامه كما قيل نحو: "زيد ما أحسنه", فإنه فعل اشتغل بضمير اسم سابق وليس من الباب بإجماع. قلت: لا يرد؛ لأن الضمير "لا" يشغله عن الاسم السابق؛ لأن فعل التعجب لا يعمل فيما قبله فخرج بقوله: "عنه". ثم قال: فالسابقَ انصبْهُ بفعل أُضمرا... حتما................ يعني: أن الاسم السابق إذا نصب، فالناصب له عند الجمهور فعل مضمر, لا يجوز إظهاره. ولهذا قال "حتما" أي: إضمارا حتما؛ لأن الظاهر كالعوض منه، فلا يجمع بينهما. فإن قلت: مقتضى عبارته إيجاب نصبه، وليس نصبه يوجب في كل صورة كما سيذكر. قلت: المراد: انصبْهُ بالمضمر "حتما" حيث يصح النصب، وليس المراد: "نصبه" حتما, وذلك واضح. وقوله: ......................... مُوَافِق لما قد أُظهرا يعني: موافقا له في المعنى واللفظ إن أمكن، نحو: "زيدا ضربته", فالتقدير: ضربت زيدا ضربته، أو في المعنى دون اللفظ إن تعذر، نحو: "زيدا مررت به" "أي: جاوزت زيدا". واعلم أن الاسم الواقع بعده فعل ناصب لضميره, على خمسة أقسام: واجب النصب، وواجب الرفع، وراجح النصب، ومستوٍ فيه الأمران، وراجح الرفع. فأشار إلى الأول بقوله: والنصب حَتْم إن تلا السابق ما... يختص بالفعل كإن وحيثما يعني: أن النصب واجب إذا ولي الاسم السابق شيئا يختص بالفعل كأدوات الشرط وأدوات التحضيض وأدوات الاستفهام إلا الهمزة، فإن النصب بعدها راجح لا واجب. وقد "مثل" بإن نحو: "إن زيدا ضربته" "وحيثما" نحو: حيثما زيدا لقيته "فأكرمه". ثم أشار إلى الثاني بقوله: وإن تلا السابق ما بالابتدا... يختص فالرفع التزمه أبدا كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد... ما قبل معمولا لما بعد وجد يعني أن الرفع يجب لسببين: أحدهما: أن يتقدم على الاسم ما يختص بالابتداء، ومثّل المصنف ذلك "بإذا" الفجائية، و"ليتما" نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو, و"ليتما بشر كلمتُه". أما "إذا" ففي اسم "الاشتغال" بعدها مذاهب: جواز نصبه وهو ظاهر كلام سيبويه، ووجوب رفعه؛ "لأنها" لا يليها فعل ولا معمول فعل، وإنما يليها مبتدأ أو خبر. و"إن" المفتوحة: مؤولة بمبتدأ أو المكسورة؛ لأن الكلام معها بمنزلة مبتدأ أو خبر. فمن "أولاها" غير ذلك فقد خالف كلام العرب. قال في شرح التسهيل: ولا يلتفت إليه، وإن كان سيبويه، رحمة الله عليه. والتفصيل: فإن كان الفعل مقرونا بقد جاز النصب "بعدها", وإن لم يكن مقرونا بها وجب الرفع؛ لأن الأخفش قد حكى عن العرب إيلاءها الفعل المقرون بقد. قيل: وهو الصحيح.... وأما "ليتما" فمذهب الجمهور أنها لا يليها فعل ولا معمول فعل. وقد أجاز بعضهم وقوع الجملة الفعلية بعدها، وعلى هذا "لا" يمتنع النصب. وذكر بعضهم مما يختص بالابتداء واو الحال، نحو: "خرجت وزيد يضربه عمرو" ولا يجوز: "زيدا يضربه عمرو". والثاني: أن يكون بين الاسم والفعل شيء لا يعمل ما بعده فيما قبله؛ كأدوات الاستفهام والشرط والتحضيض والموصول والموصوف و"إلا" في الاستثناء والحروف الناسخة وكم الخبرية ولام الابتداء و"ما" النافية. وأما "لا", فعلى المذاهب في تقديم معمول ما نفي بها. مثال ذلك: "زيد هل لقيته؟" فالرفع في هذا المثال ونحوه واجب؛ لأن "هل" لا يعمل ما بعدها فيما قبلها؛ لكونها من أدوات الصدر, وتمثيل سائرها سهل فلا نطول "به". وتقدير البيت: كذا إذا "تلا الفعل شيئا لن" يرد ما قبله مفعولا لما وجد بعده. ثم أشار إلى الثالث بقوله: واختير نصب قبل فعل ذي طلب... وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب يعني: أن النصب يترجح على الفعل بثلاثة أسباب: الأول: أن يقع اسم الاشتغال قبل فعل ذي طلب, وهو الأمر والنهي والدعاء نحو: "زيدًا اضربه، وعمرًا لا تهنه"، و"اللهم عبدَك ارحمه". والثاني: أن يكون الاسم بعد شيء غلب إيلاؤه الفعل "كالاستفهام بالهمزة، وحيث, وما، ولا، وأن" نحو: "أزيدًا ضربته" و"حيث زيدًا تلقاه أكرمه"، و"ما زيدًا لقيته". والثالث: أن يكون الاسم بعد عاطف على جملة فعلية، وهو المراد بقوله: وبعد عاطف بلا فصل على... معمول فعل مستقر أولا واحترز بقوله: "مستقر أولا" من ذات الوجهين وستأتي. مثال ذلك: "لقيت زيدا وعمرا كلمته"، إنما رجح النصب للمشاكلة بعطف فعلية على مثلها. واحترز بقوله: "بلا فصل" "من" نحو: "قام زيد وأما عمرو فأكرمته" فلا أثر للعطف مع الفصل بأما؛ لأنها من أدوات الصدر, "فالكلام" بعدها منقطع عما قبلها. فالرفع بعدها أرجح ما لم يوجد مرجح النصب نحو: "وأما زيد فأكرمه". تنبيهان: الأول: تجوز المصنف في قوله: "على معمول فعل" وليس كذلك, وإنما "العطف" على الجملة الفعلية. الثاني: لترجيح النصب أسباب أخر, لم يذكرها هنا: أحدها: أن "يكون" اسم الاشتغال بعد شبيه بالعاطف على جملة فعلية نحو: "أتيتُ القومَ حتى زيدُا مررتُ به" فحتى هنا حرف ابتداء، ولكن لما وليها في اللفظ بعض ما قبلها شابهت العاطفة. فلو قلت: "ضربت زيدا حتى عمرو ضربته" "تعين" رفع عمرو لزوال شبه حتى الابتدائية بالعاطفة. إذ لا تقع العاطفة إلا بين كل وبعض، ذكره في شرح التسهيل. والثاني: أن يجاب به استفهام بمفعول ما يليه, أو بمضاف إليه مفعول ما يليه. مثال الأول: قولك في جواب: "أيهم ضربتَ؟": "زيدًا ضربتُهُ". ومثال الثاني: قولك في جواب: "غلامَ أيهم ضربت؟": "غلام زيد ضربتُهُ". والثالث: أن يكون رفعه يوهم وصفا مُخلا, كقوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} , فالنصب فيه راجح؛ لأن الرفع يوهم أن يكون "خلقناه" صفة مخصصة، والنصب يرفع ذلك التوهم، إذ الصفة لا تفسر ناصبا لما قبلها. وإذا لم تكن صفة فهو خبر, فيلزم عموم خلق الأشياء بقدر, فهو مذهب أهل السنة. وقد قرئ بالرفع ثم أشار إلى الرابع بقوله: وإن تلا المعطوفُ فعلا مُخْبَرا... به عن اسم فاعطفَنْ مخيَّرا يعني: أنه إذا وقع اسم الاشتغال بعد عاطف على جملة ذات وجهين, وهي الابتدائية التي خبرها فعل نحو: "زيد قام" و"عمرًا أكرمته", فيجوز الرفع مراعاة لصدرها، والنصب مراعاة لعجزها، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر؛ لأن في كل منهما مشاكلة. فإن قلت: ينبغي ترجيح النصب؛ لترتبه على أقرب "المشاكلتين". قلت: قد رجّحه بعضهم على الرفع لذلك، ولا ينهض؛ لأن الرفع "مترجح" بعدم الإضمار، ولكل منهما مرجح فتساويا، وقد حكي عن الفارسي ترجيح الرفع. فإن قلت: كان ينبغي أن يقول: "بلا فصل" كما قال في البيت السابق؛ احترازا من نحو: "زيد قام وأما عمرا فأكرمته", فالرفع فيه راجح، ولا أثر للعطف. قلت: استغني بتقديم الاحتراز عنه. فإن قلت: ما المراد بقوله: المعطوف؟ قلت: إن أراد اسم الاشتغال "فقد" تسامح في العبارة، وإن أراد جملة الاشتغال فهو صحيح. تنبيه: حكم شبه العاطف في هذه المسألة، حكم العاطف نحو: "زيد أتى القومَ حتى عمرًا مر به" وقد سبق بيان ذلك. وحكم شبه الفعل إذا وقع خبرا في هذه المسألة, حكم الفعل "نحو": "هذا ضارب عبد الله وعمرو يكرمه". ثم أشار إلى الخامس بقوله: والرفع في غير الذي مر رجح... فما أُبيح افعل ودع ما لم يُبَح مثال: "زيد ضربته"؛ لأنه خلا من موجب النصب، وموجب الرفع، ومرجح النصب، ومستوي الأمرين، وإنما رجح رفعه؛ لأنه لا إضمار فيه. ثم قال: وفصل مشغول بحرف جر... أو بإضافة كوصل يجري يعني: أن الأقسام الخمسة المتقدمة مع الفعل المباشر للضمير جارية مع ما منع من مباشرته حرف جر أو إضافة، فمثل "إن زيدًا رأيته" في وجوب النصب: "إن زيدا مررت به", أو "رأيت أخاه" وقس على ذلك بقية المسائل. فإن قلت: كيف يصح ذلك في جميع المسائل؟ وقد ذكروا أن النصب في نحو: "زيدًا ضربته" أحسن منه في: "زيدًا ضربت أخاه" والنصب في: "زيدا ضربت أخاه" أحسن منه في: "زيدا مررت به" لوصول ضربت بنفسه، وعكس ابن كيسان، والنصب في: "زيدا مررت به" أحسن منه في: "زيدا مررت بأخيه". قلت: "كل" هذه المسائل "متساوية" في ترجيح الرفع على النصب، وتفاوت مراتب النصب فيها لا ينافي ذلك. ثم قال: وسَوِّ في ذا الباب وصفا ذا عمل... بالفعل إن لم يَكُ مانع حصل يعني: "أن" حكم الوصف "العامل" في تفسير ناصب الاسم السابق, حكم الفعل. والذي يستوي بالفعل في هذا الباب من الأوصاف، اسم الفاعل واسم المفعول. واحترز بالوصف مما يعمل عمل الوصف, وليس بوصف كالمصدر المقدر، وحرف مصدري، واسم الفعل. وأما المصدر النائب في فعله, فعلى الخلاف في جواز تقديم معموله. وبقوله: "ذا عمل" من اسم الفاعل بمعنى الماضي، فإنه لا عمل، وبقوله: "إن لم يك مانع حصل" من اسم الفاعل الواقع صلة لأل، فإنه لا يعمل فيما قبل "أل"؛ لأنها موصولة، وما لا يعمل لا يفسر عاملا في هذا الباب. فإن قلت: يرد عليه الصفة المشبهة, فإنها لا تقع في باب الاشتغال. قلت: هي "كاسم" الفاعل الواقع صلة "لأل"؛ لأنها لا يتقدم معمولها عليها فالعلة واحدة. ثم قال: وعُلْقَة حاصلة بتابع... كعلقة بنفس الاسم الواقع يعني: أن الشاغل إذا كان أجنبيا وله تابع سببي, فالحكم معه كالحكم مع السببي المحض، فأطلق في التابع وهو مقيد بالنعت نحو: "هند ضربت رجلا "يحبها"" وعطف البيان نحو: "زيدا ضربت عمرا أخاه" "فلو" جعلت أخاه بدلا امتنع، وعطف "النسق" بالواو خاصة نحو: "زيد ضربت عمرا أخاه"؛ لإفادتها معنى الجمع, فلو كان العطف بغيرها امتنع. قال: علامة الفعل المُعَدَّى أن تصل... "ها" غير مصدر به نحو: "عمل" الفعل قسمانِ: متعدٍّ ولازم. فعلامة المتعدي صلاحيته لأن يتصل به ضمير يعود على غير المصدر نحو: "عمل" فتقول: "الخيرُ عمله زيد". وإنما احتُرز عن "هاء" المصدر؛ لأنها تتصل بالمتعدي واللازم, فليست عاملة لواحد منهما. فإن قلت: كان ينبغي أن يستثنى "ضمير" ظرفي الزمان والمكان, فإنه يتصل بالفعل اللازم كضمير المصدر نحو: ويوما شهدناه..................................... و"الميل سرته". قلت: لا يتصل باللازم ضمير الزمان ولا المكان حتى يتوسع فيه، وينصب ذلك الضمير نصب المفعول به. فإن قلت: يرد عليه نحو: "كنته", فإن الضمير خبر "كان" وهو ضمير غير المصدر, ولا يطلق على "كان" وأخواتها أنها أفعال متعدية. قلت: إنما لم ينبه على هذا لوضوحه، وأيضا فكان وأخواتها مشبّهة بالمتعدي وربما أطق على خبرها المفعول. ثم قال: فانصِبْ به مفعوله إن لم ينُب... عن فاعل نحو: تدبرت الكتب قوله: "فانصب به" تصريح بأن ناصب المفعول به هو الفعل، وهذا هو الصحيح. وشرط في نصبه ألا ينوب عن فاعل نحو: "تدبرت الكتب", فلو ناب عن الفاعل رفع كما تقدم في نائبه. ثم قال: ولازم غير المعدَّى.............................. يعني: أن ما سوى المتعدي هو اللازم, ولا ثالث لهما. فإن قلت: ثم قسم "ثالث" صالح للتعدي واللزوم كما ذكر في التسهيل. قلت: هو غير خارج عن القسمين. ثم أشار إلى أن من اللازم ما يستدل على لزومه بمعناه, ومنه ما يستدل على لزومه بزنته, فقال: .......... وحُتِمْ... لزوم أفعال السجايا كنهم أفعال السجايا: ما دل على معنى قائم بالفعل "لازم له" "كشجُع" وجبُن وحسُن وقبُح، ونَهِم إذا كثر أكله. ثم قال: كذا افعللَّ..................... نحو "اقشعرّ" و"اشمأزّ" و"اطمأنّ". والمضاهي اقْعَنْسَسَا............................... يعني: ما كان على وزن "افعنْلَل" "كاحرنْجمت الإبل" أي: اجتمعت، وكذا ما ألحق بافعنلل، كاقعنسس البعير: امتنع من أن يقاد، واحْرَنْبَى الديك، أي: انتفش. والمضاهي: يعني المشابه، وينبغي أن يكون "اقعنسس" فاعلا بالمضاهي والمفعول محذوف، أي: وكذلك الفعل الذي ضاهاه "اقعنسس" كاحرنجم؛ لأن اقعنسس ملحق باحرنجم. ثم قال: ................. وما اقتضى: نظافة أو دَنَسا نحو: "نظُف" و"وضُأ" و"طهُر" ونحو: "نجُس" و"رجُس" و"قذُر". أو عرضا...................................... وهو ما ليس حركة جسم من معنى قائم بالفاعل, غير ثابت فيه "كمرِض وكسِل" و"نشِط" و"حزِن" و"فرِح". .......... أو طاوع المعدَّى... لواحد................. المراد بالمطاوع: ما دل على قبول الأثر نحو: "مددت الثوب فامتد، ودحرجت الشيء فتدحرج". واحترز بقوله: "لواحد" من مطاوع المتعدي إلى اثنين، فإنه متعدٍّ إلى واحد. ثم قال: وعَدِّ لازما بحرف جر يعني: أنه إذا علق اللازم بمفعول به معنى, عدي بحرف الجر نحو: "ذهبتُ بزيد" بمعنى: أذهبته، ونحو: "رغبت في الخير" و"أعرضت عن الشر". وقد جاء "تعدية" المتعدي إلى واحد بالباء إلى ثانٍ، كقوله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ}. ثم قال: .............. وإن حُذف فالنصب للمنجَرّ يعني: أن حرف الجر إذا حذف نصب المجرور، وقد يحذف ويبقى عمله, وهو ضربان: شاذ كقوله: .............. أشارت كُلَيْب بالأكف الأصابع ومطرد نحو: وليلٍ كموج البحر................. أي: ورب ليل. وسيأتي بيانه في باب حروف الجر. وأما حذفه ونصب المجرور, فهو نوعان: مقصور على السماع, ومطرد. والمقصور على السماع "مخصوص" بالضرورة, ووارد في السعة. فالمخصوص بالضرورة كقوله: ....................... وأخفي الذي لولا الأُسَا لقضاني أي: لقضي عليَّ. والوارد في السعة كقوله: "شكرتُه ونصحتُه" في أحد الأقوال، وكقولهم: "ذهبتُ الشامَ" أي: إلى الشام. والمطرد حذفه مع "أنّ وأنْ" بشرط أمن اللبس نحو: "عجبت أنك فاضل" أي: من أنك فاضل، و"عجبت أن يَدُوا" أي: يغرموا الدية, وهذا معنى قوله: نقلا وفي أَنَّ وأَنْ يطرد... مع أمن لبس، كعجبت أن يدوا واحترز "بأمن اللبس" من نحو: "رغبتُ في أن تفعل" فلا يجوز حذفه؛ لئلا "يتوهم" أن المراد: عن أن "تفعل". فإن قلت: فقد حذف في قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قلت: عنه جوابان: أحدهما: أن يكون حذف اعتمادا على القرينة "الرافعة" للبس، وقد أشار إلى هذا في "منهج" السالك. والآخر: أن يكون حذف لقصد الإبهام؛ ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهن ومالهن، ومن يرغب عنهن لدمامتهن وفقرهن. وقد أجاز بعض المفسرين التقديرين, والله أعلم. ثم قال: والأصل سَبْق فاعل معنى "كمن"... من ألبسَنْ من زاركم نَسْجَ اليَمَن الكلام هنا على المتعدي من غير بابي ظن وأعلم، وهو ضربان: متعدّ إلى واحد نحو: "ضربت زيدًا", ومتعدّ إلى اثنين نحو: "أعطيت زيدًا درهمًا". فأشار إلى أن الأصل في باب أعطى تقديم ما هو فاعل في المعنى من مفعوليه "كزيد" من: "أعطيت زيدا درهما" و"من" من قوله: ألبسن من زاركم نسج اليمن ثم قال: ويلزم الأصل لموجب عرا......................... يعني: أن الأصل المذكور وهو تقديم ما هو فاعل في المعنى, قد يكون واجبا؛ وذلك لأسباب: منها خوف اللبس نحو: "أعطيت زيدا عمرا" أو حصر الثاني نحو: "ما أعطيت زيدا إلا درهما" وكون الأول ضميرا متصلا والثاني ظاهرا نحو: "أعطيتك درهما". وقوله: "عرا" أي: وجد. ثم قال: ............... وتَرْك ذاك الأصل حتما قد يُرَى يعني: أنه قد يجب تأخير ما هو فاعل في المعنى على خلاف الأصل؛ وذلك لأسباب: منها حصر الأول نحو: "ما أعطيت درهما إلا زيدا", وكون الثاني ضميرا متصلا والأول ظاهرا نحو: "الدرهم أعطيته زيدا", واتصال ضمير بالأول يعود على الثاني نحو: "أعطيت الدابة راكبها", وما خلا "من" الموجب والمانع جاز بقاؤه على الأصل، وجاز خروجه عن الأصل كما ذكر في الفاعل. ثم قال: وحذف فَضْلة أَجِزْ إن لم يَضِرْ... كحذف ما سِيقَ جوابا أو حُصِر المفعول من غير باب "ظن" فضلة, فيجوز حذفه اختصارا كما جاز ذلك في مفعولي "ظن". ويجوز حذفه اقتصارا, بخلاف باب "ظن" فتقول: "ضربت". ويحذف المفعول لغير دليل. وكذلك "أعطيت" يجوز حذف مفعوليه معا اقتصارا، وحذف أحدهما اقتصارا، وإن كان ذلك ممتنعا في باب "ظن". ثم نبه على أن حذف الفضلة مشروط بألا يضر، فإن كان حذفه يضر امتنع، ومثله بالمجاب به كقولك: "زيدا" في جواب "من ضربت؟", وبالمحصور كقولك: "ما ضربت إلا زيدا". وما يمتنع حذفه ما حذف عامله نحو: "إياك والأسدَ". ثم قال: ويُحذَف الناصبها إن عُلما.......................... يعني: أنه يجوز حذف الفعل الناصب للفضلة بشرط أن يعلم جوازا في نحو: {قَالُوا خَيْرًا} , ووجوبا في باب الاشتغال، والنداء، والتحذير، والإغراء بشرطه، وما كان مثلا، أو كالمثل. وإلى هذا أشار بقوله: ...................... وقد يكون حذفه مُلْتَزَما واحترز بقوله: "إن عُلما" مما لا دليل عليه، فلا يجوز حذفه, والله أعلم. والتحذير نحو: "إياك والأسد". والإغراء نحو: "المروءة والنجدة"، ونحو: "السلاح السلاح" بتقدير الزم. والمثل نحو: "الكلاب على البقر" أي: أرسل, والمراد بالبقر بقر الوحش. والمعنى: خَلِّ الناس جميعا خيرهم وشرهم, واسلك أنت طريق السلامة. أو كالمثل نحو قوله تعالى: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ} أي: وأتوا. إِنْ عاملانِ اقتضيا في اسمٍ عَمَل... قبلُ فللواحد منهما العمل قوله: "إن عاملان" يعني: من الفعل وشبهه؛ كاسم الفاعل والمفعول واسم الفعل، ولا مدخل للحرف في هذا الباب. وشمل قوله: "عاملان" الفعلين نحو: {آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}، والاسمين نحو: عُهدْتَ مغيثا مغنيا من أجرته....................... والاسم والفعل نحو: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}. وعكسه نحو: .................. لقيت فلم أنكُلْ عن الضرب مِسْمَعا وقال في التسهيل: فصاعدا؛ ليشمل تنازع أكثر من اثنين. قيل: ولم يوجد أكثر من ثلاثة, كقوله: أتاني فلم أُسرِر به حين جاءني... كتاب بأعلى القُنَّتَيْن عجيب فإن قلت: هل يُشترط هنا كون الفعل متصرفا؟ قلت: شرطه ابن عصفور، ولم يشترطه المصنف. وأجاز في التسهيل: تنازع فعلي التعجب, لكن "بشرط" إعمال الثاني "حتى" لا يفصل بين الأول ومعموله، وأجازه المبرد على إعمال كل منهما. وقوله: "اقتضيا" يخرج عن قول امرئ القيس: ................. كفاني ولم أطلب قليل من المال على جعل الواو عاطفة، فإن الثاني لم يقتضِ قليلا، والمراد: كفاني قليل ولم أطلب الملك, فليس من "باب" التنازع. ويخرج به -أيضا- العاملان, المؤكد أحدهما بالآخر نحو: ................ أتاك أتاك اللاحقون....... فإن الثاني "منهما" "لا اقتضاء" له إلا التوكيد, فلا عمل له، وإنما العمل للأول. وأجاز المصنف مع هذا الوجه أن ينسب العمل "لأحدهما"؛ لكونهما شيئا واحدا، وعلى التقديرين ليس من التنازع، إذ لو كان منه لقِيل: أتاك أتوك, أو أتوك أتاك. وأجاز بعضهم أن يكون منه, ويكون قد أضمر في أحد الفعلين مفردا كما حكى سيبويه: "ضربني وضربتُ قومَك". وقوله: "في اسم عمل" يخرج به: "ضربت زيدا, وأكرمت عمرا"، فإن كلا منهما متوجه إلى غير ما توجه إليه الآخر, فلم يقتضيا "العمل" في اسم واحد. فإن قلت: ينبغي أن يقول: "في اسم فأكثر"؛ ليشمل تنازع المتعدي إلى اثنين, وإلى ثلاثة. قلت: قد منع بعض النحويين التنازع "في" المتعدي إلى اثنين, وإلى ثلاثة, والمختار الجواز؛ لسماعه في المتعدي إلى اثنين. والقياس في المتعدي إلى ثلاثة. وعبارة المصنف لا تأبى ذلك؛ لأن المراد بقوله: "اقتضيا في اسم" أن يتوجه كل من العاملين إلى الاسم الذي توجه إليه الآخر، ولا يمتنع أن يتوجها بعده إلى اسم آخر, فيتنازعا في الاسمين معا. فإن قلت: قد شرط في التسهيل في الاسم المتنازع فيه أن يكون غير سببي مرفوع, نحو قول الشاعر: ............... وعزة ممطولٌ مُعَنّى غريمها لأنك لو قصدت فيه التنازع لأسندت أحدهما إلى السببي والآخر إلى ضميره, فيلزم عدم ارتباط رافع الضمير بالمبتدأ، وإنما يحمل ذلك على أن المتأخر مبتدأ مخبر عنه بالعاملين قبله. قلت: لم يذكر أكثرهم هذا الشرط, فلذلك لم يذكره هنا. وأجاز بعض النحويين في البيت التنازع. وقوله: "عمل" يشمل الرفع والنصب، فقد يطلبان رفعا نحو: "قام وقعد زيد", وقد يطلبان نصبا نحو: "رأيت وأكرمت زيدا", وقد يطلب الأول رفعا والثاني نصبا نحو: "قام وأكرمت زيدا", وقد يكون بالعكس نحو: "أكرمت وأكرمني زيد", فالصور أربع. وقوله: "قبلُ" تنبيه على أن مطلوب المتنازعين لا يكون إلا متأخرا عنهما, "فلو" تقدم عليهما نحو: "زيد قام وقعد" "فلا" تنازع؛ لأن كلا "أخذ" مطلوبه، أعني: ضمير الاسم السابق، هذا معنى ما علل به المصنف وغيره، وهي علة قاصرة. ومقتضى ذلك ألا "يمتنع" تقديم مطلوبهما, إذا طلبا نصبا. وقد أجاز الفارسي التنازع مع توسط المعمول، وأجازه بعضهم مع التقديم. وقوله: فللواحد منهما العمل, يعني: في لفظ المتنازع فيه؛ لأن الآخر له عمل، ولكن في ضميره. وذهب الفراء في نحو: "قام وقعد زيد" إلى أن العمل لكليهما, "فزيد" مرفوع بالفعلين معا والصحيح أنه لأحدهما. ثم قال: والثانِ أولى عند أهل البَصْرَه... واختار عكسا غيرهم ذا أَسْرَه عمل كل "واحد" منها مسموع، والخلاف في الترجيح. فقال البصريون: إعمال الثاني أرجح لقربه، وقال الكوفيون: إعمال الأول أرجح "لسبقه", وقال بعض النحويين: يتساويان. وفصل أبو ذر الخشني فقال: إن كان إعمال الثاني يؤدي إلى الإضمار في الأول فيختار إعمال الأول، وإلا فيختار إعمال الثاني. والصحيح مذهب البصريين؛ لأن إعمال الثاني هو الأكثر وإعمال الأول قليل, نقل ذلك سيبويه عن العرب. ثم قال: وأَعْمِلِ المُهْمَل في ضمير ما... تنازعاه والتزِمْ ما التُزِما المهمل: هو الذي لم يسلط على الاسم الظاهر, فيعمل في ضميره مطابقا له. ثم إن كان الثاني أضمر فيه المرفوع وجوبا والمنصوب على المختار، ومن حذفه قول الشاعر: بعكاظ يُعْشَى الناظرين... إذا هم لمحوا شعاعه أي: لمحوه. وقيل: إن حذفه مخصوص بالضرورة، والصحيح جوازه في الاختيار، وإن كان الأول ففيه تفصيل سيأتي. فإن قلت: ما معنى قوله: "والتزم ما التزما"؟ قلت: "يحتمل" ثلاثة أوجه: أحدها أن يكون المراد: "والتزم ما التزما" من مطابقة الضمير للظاهر، وهو رأي الشارح. والثاني: أن يكون المراد: "والتزِم ما التزِم" مما سيذكره من وجوب حذفه من الأول في بعض الأحوال، وتأخيره في بعضها. والثالث: أن يكون المراد: "والتزم ما التزم" وهو العمدة، فلا تحذفه، بخلاف الفضلة. فيؤخذ منه جواز حذف ضمير المفعول معمولا للثاني، وهو حسن فليس هذا الكلام كما قيل حشوا. ثم قال: كيُحسنان ويسيء ابناكا..................... هذا مثال لإعمال الثاني, "ولذا" أضمر في الأول فقال: "يحسنان". ثم قال: ................ وقد بغى واعتديا عبداكا هذا مثال لإعمال الأول؛ ولذلك أضمر في الثاني فقال: "واعتديا", وهذا المثال متفق على جوازه، ومنع الكوفيون المثال الأول؛ لأن مذهبهم منع الإضمار قبل الذكر في هذا الباب. وحاصل مذهبهم أن الأول إذا طلب مرفوعا لم يجُز إعمال الثاني والإضمار في الأول سواء طلب الثاني مرفوعا نحو: "يحسنان ويسيء ابناكا", أو منصوبا نحو: "ضرباني وضربت الزيدين". فإن قلت: قد تقدم أن كلا من الفريقين أجاز إعمال الأول وإعمال الثاني, وإنما اختلفوا في الترجيح. وقد ذكرت أن الكوفيين منعوا إعمال الثاني إذا طلب الأول مرفوعا, فلا يكون الاختلاف في الترجيح إلا مع طلب الأول منصوبا. قلت: إنما منعوه إذا أُضمر المرفوع في الأول، وقد أجاز الكسائي إعمال الثاني بشرط حذف فاعل الأول، وأجاز الفراء إعماله بشرط "تأخر" فاعل الأول. فنقول على مذهب الكسائي: "يُحسن ويُسيء ابناك", و"ضربني وضربتُ الزيدين". وعلى مذهب الفراء: "يحسن ويسيء ابناك هما" و"ضربني وضربت الزيدين هما". وقد أجاز الفراء "أيضا" أن يرتفع الاسم بهما في نحو: "يحسن ويسيء ابناك", وقد تقدم "ذكر" مذهبه أول الباب. والصحيح ما ذهب إليه سيبويه من جواز الإضمار قبل الذكر في هذا الباب؛ لسماعه. حكى سيبويه: "ضربوني وضربت قومك". فإن قلت: قد قيل: إنه لم ينقله عن العرب, بل هو مثال "مخرج" على مذهبه. قلت: هو خلاف الظاهر، وأيضا فقد سمع نظيره في الكلام الفصيح كقوله: جَفَوني ولم أَجْفُ الأخلّاء إنني... لغير جميل من خليليَّ مُهْمِل وليس هذا بضرورة؛ لتمكنه من أن يقول: "جفاني ولم أجف الأخلاء" فيعمل الأول ويحذف "مفعول" الثاني لأنه فضلة. ثم قال: ولا تَجِئْ مع أول قد أُهملا... بمضمر لغير رفع أُوهِلا بل حذفه الزمْ إن يكن غير خبر... وأَخِّرَنْه إن يكن هو الخبر إذا أهمل الأول, فإما أن يطلب مرفوعا أو منصوبا. إن طلب مرفوعا أضمر فيه خلافا للكوفيين كما سبق، وإن طلب منصوبا فإما أن يكون فضلة أو غير فضلة. فإن كان فضلة وجب حذفه عند الجمهور؛ لأنه مستغنى عنه فلا حاجة لإضماره قبل الذكر، ولم يوجب في التسهيل حذفه, بل جعله أولى. ومن إثباته قول الشاعر: إذا كنت تُرضيه ويُرضيك صاحب... جِهَارا فكن في الغيب أحفظ للود ووافق هنا مذهب الجمهور، وإن كان غير فضلة، كالمفعول من باب ظن جيء به مؤخرا؛ ليؤمَن من الإضمار قبل الذكر، أو حذف ما هو عمدة. أما تقديمه, فقال الشارح: لا يجوز عند الجميع. ا. هـ. قلت: وظاهر التسهيل جوازه، وقد حكى ابن عصفور عنه ثلاثة مذاهب: أحدها: إضماره مقدما كالمرفوع نحو: "ظننته أو إياه وظننت زيدا قائما". والثاني: الإضمار مؤخرا, كما جزم به المصنف هنا. والثالث: حذفه؛ لدلالة المفسر عليه. قال: وهذا أسدّ المذاهب؛ لسلامته من الإضمار قبل الذكر والفصل. تنبيهان: الأول: قد ظهر مما ذكر أن كلامه هنا "مخالف" التسهيل من وجهين: أحدهما: أنه جزم هنا بحذف الفضلة, وهو المراد بقوله: "غير خبر". والثاني: أنه جزم بتأخير الخبر ولم يجزم بهما في التسهيل, بل أجاز التقديم. "والتنبيه" الثاني: أن قوله: "غير خبر" قد يوهم أن ضمير المتنازع فيه إذا كان مفعولا أولا في باب ظن, يجب حذفه. وليس كذلك, بل لا فرق بين المفعولين في امتناع الحذف، ولزوم التأخير؛ ولذلك قال الشارح: لو قال بدله: واحذفْهُ إن لم يَكُ مفعول حسب... وإن يكن ذاك فأخِّرْه تصب لسلم. ا. هـ. قلت: قوله: "مفعول حسب" يوهم أن غير مفعول "حسب" يجب حذفه, "وإن" كان خبرا وليس كذلك. لأن خبر كان لا يحذف أيضا, بل يؤخر كمفعول حَسِب نحو: "زيد كان, وكنتُ قائما إياه" وهذا مندرج تحت قول المصنف: "غير خبر", ولو قال: بل حذفه إن كان فضلة حتم... وغيرها تأخيره قد التُزم لأجاد"". ثم قال: وأَظْهر إن يكن ضمير خبرا... لغير ما يطابق المفسِّرا يعني: أن الإضمار "ممتنع" إذا تخالف صاحب الضمير ومفسره "كأن" يكون الضمير خبرا لمثنى ومفسره مفرد، وقد مثّل ذلك بقوله: نحو أظن ويظناني أخا... زيدا وعمرا أخويْنِ في الرَّخا "فزيدا وعمرا" مفعول أول لأظن، "وأخوين" مفعوله "الثاني, والياء من "يظنان" مفعول أول له، و"أخا" مفعوله الثاني", وهو خبر "له" في الأصل. فلو أضمر، فإما أن يجعل مطابقا للمفسر وهو ثاني مفعولي "يظنان", أو لصاحبه وهو أول مفعولي "أظن". فإن جعل مطابقا للمفسر فقيل: "إياه", فيلزم الإخبار بمفرد عن مثنى، وإن جعل مطابقا لصاحبه قيل: "إياهما" فيلزم عود ضمير مثنى على مفرد، وكلاهما غير جائز. فتعين الإظهار خلافا للكوفيين في إجازة إضماره مطابقًا لصاحبه، وإن خالف المفسر. وفي إجازة حذفه نحو: "أظنُّ ويظناني أخا زيدا وعمرا", وعلى الإظهار تخرج هذه المسألة من التنازع.
|